Friday, September 13, 2013

عن الوطن وأشياء أخرى

عن العجز:
فراشة في وعاءٍ زجاجي محكم الغلق، ترى الفضاء ولا تلمسه
سجينُ رأيٍ
طفل حدثته أمه للتو عن الخلق فشكل صلصاله عصفورةً وحاول أن ينفخ فيها بعض روح
عني وعنك

عن الخذلان:
عن كيف وقعت قطتي من على حافةِ السور وكسرت ساقها واستكثرت عليّ وعليها التعافي قبل أن تكسر قلبي مرتين
عن تلك المرةِ التي متُّ فيها، أصابتني رصاصة، ولم تكن هنا لتلتقط النبضة الأخيرة
عن كل المرات التي حضرت فيها بعد الموعد، متعللا بحجج تافهة، حاملًا باقة زهرٍ باللون الخطأ

عن الغياب:
وكل الخيانات التي ارتكبتها خلاله
مغازلة أي فتاةٍ عابرة
المرور بكل كبرٍ بضريح الحكاية/حكايتنا دون سلامٍ أو قراءة الفاتحة

عن البيت الذي ما عاد بيتًا والطفل الذي ولد وكبر ولم تره، لن تميزه إذا ما صادفته يدخن سيجارة رديئة
عن الطفلةِ التي امتهنت البغاء من أجل الطعام
وعن الأطفالِ الذين ولدوا معنا في العام ذاته وصرخوا الصرخة الأولى ولم تخلُ ملامحهم من البراءة ذاتها التي في وجهِ الشهيدة حتى كبروا واختاروا/اختير لهم أن يصيروا قتلةً مأجورين
عن الفراشِ الذي لم يعد دافئًا أو طريًا، وعن دميتي التي صار احتضانها يؤلم، وعن هذا الألم في الصدر الذي كلما شعرتُ بوخزه تحسستُ قلبي من بين الضلوع لأتأكد أنه لا زال نابضًا في مكانه لم يسقط مني وأنا أحاول الهرب
عن الذي أحببته وكذبت وقلت لا أحب، وعن الذي قلتُ له أحب وكَذِب
عن الأم التي ألقت وليدها فوق كومة القمامة، عن الوطن.....

Thursday, September 12, 2013

برعمٌ نابتٌ من رماد

ومن بينِ رائحة الجثث المحترقة والأرواح التي تتسابق نحو بارئها واليأس الذي غادر كل القلوب وأقام فوق قلبي أنا وَحدي، أفتقدك جدًا !!
لأنك من علمتني الخشوع في الصلاة كي يقبل دعائي لك، لأنك الذي بقربك جددت الإيمان بأن الله قريب.
أفتقد، وأحترم المساحة التي اخترتَ أن تفصل بيننا لأسبابٍ لا يعلمها إلا قلبك والله.
أفتقد، وينتابني القلق ... إذ بعينيك هذا الألق الذي يمتلكه الشهداء.
أفتقد، وأقلق، لكنني أحترم المساحة .... فإذا بروحك على الجانب الآخر، تطلُ من نافذةٍ صغيرة، في رسالة... تعتذر في عنوانها عن الحنثِ بوعدك في الابتعاد، وتسأل: "إنتي كويسة؟!"
وعلى غير عادتي لا أقتصر على الإجابة المقتضبةِ المعتادة "الحمد لله" وأستطردُ في البوح عمّا أَلَمَّ بروحي من أَلمٍ، يجيءُ ردٌ وأرد ونتحدث قليلًا
نسرقُ من بين كل هذه الخيانات والمقتلات لحظة طمأنينةٍ نادرة.
نضعُ الحواجز بعدها، تفتح النافذة الصغيرة بعد أيام، رسالة، "إنتي كويسة؟!"، بوح قصير، نضع الحواجز وهكذا
كل هذا يدفعني للتساؤل، هل أنت حقيقيٌ؟! أم فكرة وخيال أوحى الله لي به كي أتصبر على هذه الحياة؟! كيلا أفقد القدرة على الحب في زمن تفشي الكراهية التي كلما وجدت طريقًا تنفذ منه إلى ما تحت جلدي، جاء حضورك واقفًا لها بالمرصاد.
على كلٍ لا تعنيني الإجابة، ما يهم هو أنك لم تتأخر أبدًا عن موعد، وأعلم أنك ستكون هنا تودعني عندما أهمُّ بالرحيل.

Wednesday, September 11, 2013

الأبد

صدقت!
صدقت يا صَدِيقي/وصِدِّيقي الغائب، الملائكة لا تُرى...
قلت لي ذلك يومًا مازحًا بنبرةٍ جادة عندما قدمتك لصديقة بلهجة مزاح وكان قصدي جادًا على أنك "ملاكَيَ الحارس"
"الملائكة لا تُرى"
لم أهتمُ وقتها بالمجادلة، أو الاقتناع... انشغلتُ بالمشاغبة والابتسام(كالعادة)
الآن أذكرُ هذا اليوم بالتحديد، يدفع التفكير المؤجل فيه رأسي من فوق الوسادة، صدقت الملائكة لا تُرى وإنما تتجلى وأحد تجلياتها أنت!
سأقولُ لك هذا!! متأخرًا أفضل من لا شيء
سأقولُ أنني نادمة لأنني لم أهتم، ولم أقتربُ كما ينبغي لك!
أهمُّ وأنا تائهة بين الصحو والنوم والذكرى بالاتصال بك، وبينما أحاول أن أفيق لأسترجع رقمك أدركُ أنك رحلت ولم تأخذ الهاتف مَعَك.....

Monday, August 5, 2013

حقيقية

تُبهرك؟!ء
مُحق ... تبدو جميلة
مثلما الرموش الاصطناعية من بعيد...ء
لاحقها، انهل ما شئت من جاذبيتها، لن ترتوي، فالخمرُ خبثٌ يذهب العقل ولا يدفع العطش

بمناسبة الحديث ... فقدتُ الإيمان!ء
 أقلعتُ عن كثيرٍ من طقوسي، لم أعد أشتري شاي الفانيلا أو أشربُ القرفة إلا لمامًا
لم يبق من تفاصيل العيد سوى الثياب الجديدة، لكنني لازلت أحتضنُ الدُمى في المساء خشيةً من سرقةِ الأحلام في نومي
باختصار، لم أعد من تلك التي أحببتها قديمًا سوى اسمي وبقايا شغف
آه، نسيتُ اخبرك، أصبحتُ مُدخنة ... صرتُ أنفثُ الدخان في وجه الجميع في تعالي ولا اهتمام
توقفتُ عن كوني المثالية المتسامحة العطوفة المُحبة، اختبرتُ من الكراهية أبعدها وغمرتُ روحي في برميلِ الحقد تمامًا
انزلق علو روحانياتي للحضيض
راهبتك خلعت ثوب رهبانيتها، شربت كثيرًا من البيرة وواعدت الرجال
ارتكبت آثامًا لا تُعَد، ولكنها بعدُ لم ترتكب المعصية الكبرى
الافتعال..ء

Saturday, August 3, 2013

خمس مقطوعات عن الفراق

هامش:ء
فراقُ الأحياء أكثر إيلامًا من فراق الموتى 

-1-
الذكريات؟!ء
هي لكْ!ء
ارفعها إلى بُرج أحلامك الثلجي والقها
وقصائدي إلَيك؟!ء
اصنع منها لفافة تبغٍ ودخنها ... ثُم مررها إلي

(أنا - القصيدة الأخيرة)

 -2-
وعندما رأى جسدها المُدمى في صفحةِ الجريدة ... شرب دموعه المُرة ندمًا لأنه أفلتها من بين ذراعيهِ عندما استسلمت للمرة الأولى والأخيرة لِـحُضن.ء

-3-
بلقيس .. ء
أيتها الشهيدة .. والقصيدة .. ءلم
والمطهرة النقية .. ء
سبـأٌ تفتش عن مليكتها فردي للجماهير التحية .. ء
يا أعظم الملكات .. ء
يا امرأةً تجسد كل أمجاد العصور السومرية
(نزار - مرثية بلقيس)

-4-
بُنُ القهوة في فنجانكِ جَفَ لتوه، فعودي كي تغسليه بماء الزهر وتجففيه
عودي لأجلِ الفنجان الذي أحببتِ لا لعيني الذابلة
عودي لتأخذي أغراضك الشفافة التي شهدت ما اقترفنا من سعادة في بلادٍ تُجبرنا كمساجينٍ على اجتراعِ الهم السئ الطعم وتقرر لنا في أي وقتٍ نتنفسُ هواء الشمس
ربما إذا جئت لتأخذيها أشفقتِ فبقيتِ
أو حدثتكِ بعدها أشياؤك عني ... فتصفحي
مُري عليَّ ولو قليلًا وهاتِ الأطفال معكِ

-5-
(صمت)

Thursday, August 1, 2013

فقد/افتقاد

بعد نومِ ليلةٍ تفتح عينيها بلا رغبة في استقبالِ الضوء، تؤلماها بشدة! يبدو أنها بكت في الحلم كثيرًا، نسيت الحلمُ تمامًا،كأن لم يكن .... لكن ألمه حاضر وشرخ الروح الذي خلفه لا يزال يسربُ الحياة والشغف!ء

تتلكأ في مغادرة الفراش، تجلس بغير إرادة تحاول تناسي ما يجب أن تنجزه وتتظاهرُ بالتأمل.... لا تريد أن تتعب عقلها كثيرًا، فتحدق متفكرةً في شئ بتفاهة "بنطلون البيجاما" وكيف أنه أصبح واسعًا بعد أن فقدت كثيرًا من الوزن!ء
يتطرقُ عقلها إلى أنه ليست عدة الكيلوات هذه هي كل ما فقدت مؤخرًا .... الكثير من الأصدقاء، الكثير من الحب، الكثير من الاتصال، وأحلامها دفعةً واحدة....ء
تقف أمام المرآة، تدقق أكثر في قوامها الأنيق النحيف الذي افتقدته لعامين، يسعدها أن عادت، فتأذن للاكتئاب بالولوج في روحها أكثر كي تفقد المزيد من الوزن ...ء

Wednesday, June 26, 2013

عن التيه

"مَن أنا لأقول لكم ما أقول لكم"*

عزيزي دفتر اليوميات ...ء
لا جديد!ء
اليوم كأمسٍ كأوله .... عقدٌ، حبة بكاء على ذكرى، وحبة خوف من آتٍ، بينهما حبة التهاءٍ بدنيا بعيدًا عن الأحبةِ/مصدرِ الضوء فيها.ء
أطلي كل يومٍ نفسي بطبقةٍ عازلٍ إضافية مخافةَ جُرح وأمثل فصلًا آخرًا تحت عنوان التظاهر بالصلابة
أحاول جهد الأمل أن أتخلص من مَسحة الإحباط التي تشوب كل أحاديثي، كما أحاول بناء سدٍ على قناتي دموعي

عزيزي دفتر اليوميات ...ء
قص على شرود النهار اليوم قصة، عن فتاةٍ بعيدة أحبت في أواخر عشرينياتها كما ينبغي للمراهقات! بنشوةِ براءةٍ مؤجلة، وبراءة نشوةٍ أُمٍ كاملة تشتاقُ إلى جنين تحمله.ء
وعندما كانت قاب قوسين أو أدني من لَمس حُلمها، وَدَعته على رصيف قطار! مَضَت في طريقِ نحو نجاح، وهو على الجانب الآخر من زجاجِ النافذة، تتشبثُ نظرته بعينيها، يودعها بعينٍ تتمنى لها التوفيق وأخرى تلمؤها دموع دافئة تتمنى لو تبقى ولتذهب كل النجاحاتِ إلى الجحيم!ء
رَحَلت، طأطأ رأسه عائدًا بعدما انقطع الرابط بين عينيهما وانقطع معه الوصال .... ولكن ظلت عيناه عالقتين بزجاج النافذة تصاحبها كلعنةِ نَدَم.ء
لم يكن على الطريق علامات مميزة! خواء! لا شيء يستحق الذكر سوى أشجار الصبار المطأطأة من طول ما عطشت وآثارُ حريق.ء
بعد القطار طائرة وبعد الطائرةِ أخرى، وصلت في النهاية بعد طولِ سَفر ابتدأ من عند وجهتها وانتهى في أبعد نقطةٍ عنها.ء
ألقت على أعتابِ المدينة الجديدة ما عَلق من رمادِ الطريق والحلم، وفي غرفةٍ ليست غرفتها أفرغت حقيبتها وارتمت على سريرٍ واحتضنت وسادة!ء
___________________________________________
*محمود درويش، قصيدة لاعب النرد